بحوث

بحث حول تاريخ الجزائر

بحث حول تاريخ الجزائر

حول تاريخ الجزائر

الجزائر

تُعرَف الجزائر رسميّاً باسم الجمهوريّة الجزائريّة الديمقراطيّة الشعبيّة، وعاصمتها هي مدينة الجزائر، وتقع الجزائر في شمال قارّة أفريقيا، وتَمتدّ جنوباً إلى الصحراء، حيث تُشكِّل الصحراء أكثر من أربعة أخماس مساحتها، وللجزائر حدود مُشترَكة مع عدد من الدُّول العربيّة؛ حيث تحدّها من الشرق تونس وليبيا، وتحدّها من الجنوب مالي والنيجر، ومن الغرب تحدّها موريتانيا والمغرب، أمّا البحر الأبيض المُتوسِّط فيحدّها من الشمال.

وتبلُغ مساحة الجزائر الإجماليّة 2,381,741كم2، وهي تحتلُّ المركز 11 بين دُول العالَم من حيث المساحة، أمّا عدد سُكّانها فيبلغ 40,969,443 نسمة، حسب إحصائيّات عام 2017م، ويتركّز أغلبهم في الجزء الشماليّ على طول ساحل البحر الأبيض المُتوسِّط، كما يتحدّث السكّان اللغة العربيّة كلغة رسميّة للبلاد، بالإضافة إلى لغات أخرى، مثل: اللغة الفرنسيّة، واللغة الأمازيغيّة، علماً بأنّ المُسلِمين يُشكِّلون ما نسبته 99% من سُكّان الجزائر، وهناك أقليّات من المسيحيِّين، إضافة إلى أنّ معظم السكّان هم من العرب الأمازيغ؛ حيث يُشكِّلون ما نسبته 99%، وتُشكِّل نسبة الأوروبيِّين أقلّ من 1% من السكّان.

تاريخ الجزائر

للجزائر تاريخ عريق؛ فقد كانت تُعرَف باسم المغرب الأوسط، إلى أن خضعت للحُكم العثمانيّ في العَقد الثاني من القرن 10هـ/16م، ويُقسَم تاريخ الجزائر إلى عِدّة أقسام، لكلِّ قسم أقوام، وأحداث خاصّة به، وفيما يأتي نبذة عن تاريخ الجزائر:

التاريخ المُبكِّر للجزائر

بدأ تاريخ الجزائر المُبكِّر قَبل 500,000 عام، عندما بدأ الناس يسكنونها من أقطار مُختلِفة، ودلَّت على ذلك الآثار التي اكتُشِفت في العديد من المناطق، مثل: مستغانم، ومشتى العربي، وبئر العاتر، ومع بداية الألفيّة الأولى قَبل الميلاد، بدأ سُكّان المنطقة يجتمعون في قبائل، ويعملون في الأراضي الزراعيّة، وهذه كانت بداية المراحل الفينيقيّة الأولى، أمّا تأسيس الدولة الجزائريّة الأولى، فقد كان في القرن الثالث قَبل الميلاد، على يد صيفاقس، وماسينيسا، والجدير بالذكر أنّ الجزائر كانت جزءاً من ولاية المغرب خلال العَهد الأمويّ، وبداية العَهد العباسيّ من تاريخ الدولة الإسلاميّة.

وبقيت الجزائر جزءاً من المغرب إلى أن استقلّت الأندلس عن العباسيِّين، وظهرت دُويلات مُستقِلّة على يد أصحاب المذاهب المُناوئة للعباسيِّين، وعندئذٍ وقعت الجزائر تحت حُكْم دُويلات عِدّة مُستقِلّة عن بعضها البعض في المدّة الزمنيّة، ما بين القرن 2-10هـ (أي من أواخر القرن 9م، إلى بدايات القرن 16م)، وبما أنّ الجزائر كانت جزءاً من المغرب التي كانت مدينة القيروان قاعدة لها، فقد خضعت لحُكم الخوارج الذين أسّسوا دولتهم عام 160هـ/777م، حيث خرجوا من القيروان، وأسّسوا دولتهم في وسط المغرب الأوسط، علماً بأنّ بني الأغلب كانوا يحكمونها، واستمرَّت دولتهم حتى عام 296هـ/909م، وهو تاريخ بداية الدولة الفاطميّة، ومن بعد الدولة الفاطميّة، خضع المغرب الأوسط إلى الدولة الزيريّة المُنفصِلة عن الفاطميّة.

وبعد ذلك، خضع المغرب الأوسط لسُلطة المُرابطين الذين كان هدفهم ضَمّ أراضي المغرب جميعها إلى دولتهم؛ وذلك لحمايتها من خطر النصرانيّة النابع من أوروبا، واستمرَّ هذا الحال حتى عام 547هـ/1152م، وفي عام 555هـ/1160م، انضمَّ المغرب الأقصى إلى دولة المُوحِّدين، وبَقي إلى عام 633هـ/1235م، ومن ثمّ خَضَع للدولة الزيانيّة المُنفصِلة عن دولة المُوحّدين حتى عام 1394م، ثمّ تعرَّضت المنطقة لاضطرابات عِدّة، إلى أن وقعت تحت سُلطةالخلافة العثمانيّة في نهاية الثُّلُث الأوّل من القرن 10هـ/16م، حيث خَضَعت خلال فترة الاضطرابات إلى الحفصيِّين، وإلى المرينيِّين، وإلى الدولة الزيانيّة مرّة أخرى، وظهرت فيها أيضاً الدولة الرستميّة.

الجزائر كولاية عثمانيّة

بدأ انضمام الجزائر إلى العثمانيِّين عندما احتدَّ الصِّدام بين المسلمين، والنصارى، وخاصّة الإسبان، في الحوض الغربيّ للبحر الأبيض المُتوسِّط، وذلك في بداية القرن 10هـ/16م، حيث أنشأ عدد من البحّارة المغامرين أساطيل صغيرة يجاهدون من خلالها ضِدّ الأعداء، وكان من بينهم عروج، وخير الدين المُلقَّبان ب (بربروسا)، وعندما عَلِم أهل المغرب بالغارات التي كان يشنُّها هؤلاء البحّارة على الإسبان، وخاصّة عروج، استدعوه؛ ليساندهم في استعادة أكبر الموانئ في شرق الجزائر، ونجح بمساندة قوّة عثمانيّة صغيرة في صَدّ هجوم إسبانيّ عن المدينة عام 922هـ/1517م، إلّا أنّ عروج قُتل على يد الإسبان؛ حيث تتبَّعوه عندما فرَّ منهم بعد أن خانه بعضٌ من أهل تلمسان، وقد كان مُتوجِّهاً نحو الجزائر عندما قُتل، أمّا خير الدين، فقد استعان بالسلطان سليم عام 1518م، فأرسل إليه ألفي انكشاريّ، وبعث له برعاياه؛ ليتطوَّعوا في الجيش المغربيّ.

وهنا دخلت الجزائر ضمن الولاية العثمانيّة، وأصبح خير الدين يحاربأوروبا من جهة، ويسعى لتوحيد القوّة الإسلاميّة؛ لمحاربة خَصْمه في البحر المُتوسِّط من جهة أخرى، وقد نجح بعد صراع طويل في حَرْبه مع أوروبا عام 936هـ/1529م، حيث كانت البداية الحقيقيّة لتأسيس ولاية الجزائر، وتحويل مينائها إلى عاصمة للمغرب الأوسط، كما أصبحت الجزائر عاصمة للولاية العثمانيّة في شمال أفريقيا، وكان مُمثِّل الدولة والذي يُشرِف عليها يُعرَف باسم (بيلرباي)؛ أي رئيس البايات، ولم يَدُم الإشراف الجزئيّ على الجزائر طويلاً، إذ توسَّعت سيطرة العثمانيِّين عليها، ومن الجدير بالذكر أنّ الجزائر مرّت خلال الحُكم العثمانيّ بأربع مراحل، وهذه المراحل هي: عَهد النيابة، وفيها سَيطرَ رؤساء البايات على جُند الانكشاريّة، والبحريّة، ومن ثمّ عَهد الباشوات، وفيه أصبحت الجزائر ولاية عادية، ولم يتمكّنوا من السيطرة على الانكشاريّة، ثمّ جاء عَهد حُكم الأوجاق؛ أي المجلس الأعلى للجُند، حيث سادت الفوضى وعمَّت، وأصبحت السلطة بيد الانكشاريّة، ثمّ عَهد الدايات، كمحاولة للحدِّ من سيطرة الانكشاريّة.

ولم يكن نظام الحُكم في الجزائر مباشراً، وإنما كان مُعتمِداً على التحالُفات مع القبائل، ومن الجدير بالذكر أنّ علاقة الجزائر مع أوروبا كانت سيِّئة خلال الحُكم العثمانيّ، حيث إنّها أذلَّت الكثير من القُوى الأوروبيّة؛ بسبب امتلاكها أسطولاً ضخماً امتدَّ من البحر الأبيض المُتوسِّط إلى بحار الشمال، كما أنّها أجبرَت العديد من القُوى الأوروبيّة على دَفْع الإتاوات؛ لتأمين ملاحتها عبر البحر المُتوسِّط، باستثناء فرنسا التي توقَّفت عن الدَّفع في عَهد نابليون، وقد تخلَّصت الجزائر من احتلال إسبانيا نهائيّاً في عام 1203هـ/1788م، على يد محمد باشا.

الجزائر خلال الاستعمار الفرنسيّ

بدأ احتلال فرنسا للجزائر عندما اتَّحدت القُوى الأوروبيّة ضِدّ الجزائر، إذ هاجمَت البحريّة البريطانيّة، والبحريّة الهولنديّة، الأسطولَ الجزائريّ عام 1815م، وعندئذٍ أصبحت السواحل الجزائريّة عُرضة لهجوم الأعداء، وكان لاحتلال فرنسا للجزائر عِدّة أسباب، منها: ضعف إمبراطوريّتها بعد حروب نابليون، ورغبة حاكم فرنسا بصَرْف أنظار شَعْبه إلى أمر آخر؛ وذلك لأنّه كان يتعرَّض لمعارضة شديدة منهم، أمّا السبب الآخر، فهو مرورها بضائقة اقتصاديّة شديدة، وقد بدأت الحملات الفرنسيّة ضِدّ الجزائر عام 1830م، وخلال فترة احتلال فرنسا، لها تعرَّض أهلها للإبادة، والتشريد، كما انتشرَ الجهل، والفقر، في تلك الفترة، وفَرَضت فرنسا سياستها الاستعماريّة قَسْراً، وحاولت تحقيق أهدافها بشتّى الطُّرُق، كما أنّها أجبرَت الجزائريِّين على الانضمام إلى جيشها، والقتال في صفِّها في الحربين العالَميَّتَين: الأولى، والثانية.

وقد قاوم الجزائريُّون الاستعمار الفرنسيّ، وجاهدوه بكلّ ما يملكون من قوّة؛ ففي عام 1839م، أعلنَ عبد القادر الجزائريّ (زعيم المقاومة الجزائريّة) الحرب على الفرنسيِّين، واستمرَّ القتال بين الجبهتَين حتى عام 1841م، وذلك حينما هَزَم الجيش الفرنسيّ الجزائريِّين، وبحلول عام 1847م، كانت فرنسا تُسيطرُ على كامل الأراضي الجزائريّة، حيث أصدرت الحكومة الفرنسيّة في العام ذاته قراراً يقضي بأنّ أيّ أراضٍ غير مُستعمَلة في الجزائر ستُخصَّص للمُستوطِنين الفرنسيِّين، إلّا أنّ المُقاومة الجزائريّة لم تستسلم أبداً بالرغم من توسُّع فرنسا في الجزائر، إلى درجة إصدار قرار يقضي بمَنْح الجنسيّة الفرنسيّة لأيّ أوروبيّ يُولَد في الجزائر، وفي منتصف القرن العشرين ظهرت حركة قوميّة تحرُّريّة واسعة النطاق، وتلتها حرب الاستقلال التي استمرَّت منذ عام 1954م، وحتى عام 1962م  وممّا دعى إلى اندلاع حرب الاستقلال أو ما يُعرَف باسم (الثورة الجزائريّة الكُبرى)؛ أنّ الجزائريِّين كانوا يُعانون من أوضاع اقتصاديّة، وتعليميّة سيِّئة جدّاً؛ فقد وصل عدد العاطلين عن العمل إلى نحو مليون ونصف المليون تقريباً، كما كانت نسبة كبيرة من الأراضي الزراعيّة بيد نحو 21,659 مُستوطِن أوروبيّ.

شهدَ الشعب الجزائريّ الانتصارات التي حقَّقتها الثورات الآسيويّة على الاستعمار الفرنسيّ، علماً بوجود قادة الثورة الجزائريّة، مثل: أحمد بن بلّة، ومحمد بوضياف، وحسين آيت أحمد، حيث بدأت الثورة عام 1954م، بشَنّ هجمات عِدّة على مراكز الشرطة، ومراكز عسكريّة أخرى، وفي عام 1956م، وَصَلت الثورة إلى أَوْج قوّتها، وفي عام 1958م، تأسَّست الحكومة الجزائريّة المُؤقَّتة، حيث كان يترأّسُها فرحات عبّاس.

استقلال الجزائر

الجزائر

كان انتهاء الثورة الجزائريّة بعد إجراء مفاوضات إيفيان، بين حكومة فرنسا بقيادة ديغول، وجبهة التحرير الجزائريّة؛ لوَقْف إطلاق النار، ومن ثمّ إجراء استفتاء انتهى باستقلال الجزائر، وقد قاومَ الجزائريّون الاستعمار الفرنسيّ إلى أن حصلوا على استقلالهم رسميّاً في 27 حزيران/يونيو من عام 1962م، وكان أحمد بن بلّة الرئيس الأوّل للجمهوريّة الجزائريّة.

وبالرغم من تأثُّر الجزائر بالثقافة الفرنسيّة إلى درجة كبيرة، إلّا أنّ ذلك لم يطمس الهويّة، والثقافة الجزائريّة، إذ سَعَت الجزائر باستمرار إلى تعزيز تُراثِها العربيّ، والإسلاميّ، كما سَعَت إلى تحسين وَضْعها الاقتصاديّ، وذلك من خلال تنمية النفط، والغاز الطبيعيّ، وغيرها من ثروات البلاد، الأمر الذي أدّى إلى تطوير وتحسين مستوى المعيشة للشعب الجزائريّ، والجدير بالذكر أنّه بحلول القرن 21م، كان الوَضْع الاقتصاديّ الجزائريّ من أفضل الأوضاع الاقتصاديّة بين دُول أفريقيا.

وحرصت الحكومة بعد استقلالها على إعادة نَشْر التعليم، وتعريبه، وأعادت استثمار الأراضي الزراعيّة التي كانت في يَدِ المُستوطِنين؛ من خلال طَرْح برنامج الثورة الزراعيّة، حيث أصبحت الجزائر من كُبريات الدُّول المُنتِجة لزيت الزيتون، والتمر، وكذلك الفِلّين، كما أنشأت العديد من شركات الاستثمار، وأنشأت مصانع خاصّة لتكرير النفط، إضافة إلى دَور الجزائر في تعزيز التضامُن العربيّ على المستوى الخارجيّ، ودَعْم حركات التحرُّر، وخاصّة في دُول أفريقيا، والجدير بالذكر أنّه بمُجرَّد استقلال الجزائر، تمَّ ضَمُّها إلى الأُمَم المُتَّحِدة، في الثامن من شهر آب/أغسطس من عام 1962م.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى